الإثنين, كانون1/ديسمبر 09, 2024

All the News That's Fit to Print

د.محمد بن عبدالرحمن البشر

التسويق علم وفن ومهارة، وهو بجانب ذلك يتطلب إقداماً وصبراً ودراسة علمية لمتطلبات المجتمع، والحالة النفسية للمستهلك، بعد اختيار الفئة المستهدفة من قبل المسوق، ويبدو أن هذا النوع من الفن التسويقي سائد منذ قرون مضت، ‏وهذا بلا شك ليس بغريب فالطبيعة البشرية تتنوع أذواقها وقدراتها المالية ومقدار الحكمة لديها، ويلعب التاريخ وثقافة المجتمع والعادات السائدة دوراً كبيراً في هذا المضمار.

‏في عصرنا الحاضر أصبحت سبل التسويق لا حصر لها سواء من حيث أسلوب الطرح أو الوصول إلى المستهلك أو سرعة التواصل والتوصيل، وكذلك تنوع المنتجات التي لا تقتصر على سد حاجة الفرد، وإنما تتعداه إلى ما هو أبعد من ذلك مثل المباهاة، وحب التميز، والمبالغة في ذلك، ولا شك أن المسوقين يتسابقون على استغلال ما هو متاح للوصول إلى تعظيم الفائدة، والحصول على أعلى ربح ممكن بأقل التكاليف الممكنة.

في زمن الفراعنة كان الذهب متوافراً بقدر كاف جداً، وهو بلغتهم يقال له نب، ولهذا سميت النوبة بهذا الاسم، لأنها كانت موطن توافر الذهب وإنتاجه وكان الفراعنة - لا سيما الطبقة الثرية - تحرص على التحلي بالذهب، غير أن الفضة لم تكن موجودة في مصر ذلك الوقت، ولهذا فقد امتد نفوذهم شمالاً للحصول على بعض الفوائد والمميزات ومن ضمن ذلك الحصول على الفضة، التي تستخدم حلياً للنساء وقد يتحلى بها الرجال أيضاً.

‏كانت حاجة الإنسان إلى وقت قريب محدودة، فهي قد تكون ملبساً يستره ويقيه البرد، أو مأكلاً يسد رمقه، ‏أو دابة يركبها وزينة، قال تعالى: (وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ)، وجميع متطلبات الإنسان في ذلك الوقت لها مسوقون، ويكون مقدار ربحهم مبنياً على مهارتهم في التسويق، مثل اختيار الزمان والمكان ونوعية المنتج الذي يناسب متطلبات المجتمع، فالتمر مثلاً في الجزيرة العربية أكثر أهمية منه في الشام.

في عالمنا الحالي أصبح هناك علامات تجارية معروفة فرضت نفسها على المجتمع العالمي بأسره، وأخذ الناس يتسابقون على اقتناء منتجات تلك العلامات التجارية التي يرونها مميزة، ربما في اسمها وليس بالضرورة أن تكون في جودتها، ‏أخذ البعض يحاول تقليد تلك العلامات التجارية وهذا بلا شك ممنوع من الناحية القانونية في العالم أجمع، لكن حرص بعض الطبقة ‏الكريمة غير القادر على ثمن ‏المنتج الذي تنتجه الشركات ذات العلامة التجارية المشهورة قد يدفعها إلى شراء سلعة مقلدة مع أنها غير قانونية.

‏آخر ما سمعت أن هناك منتجات جلدية ولا سيما الحقائب اليدوية، ‏تدعي بعض العلامات التجارية أنها صنعت من جلد تمساح أبرص، ولم أستوعب أن يكون لجلد التمساح الأبرص تميزاً يجعله يباع بأسعار غالية جداً، بحجة ندرته، وأن من يقتني هذه الحقائب النفيسة قد حصل على سلعة نادرة، يصعب على الآخرين الحصول عليها، وبهذا فهو يتميز عن أقرانه، وهكذا يكون فن التسويق الذي يخلق من العدم مالاً وربحاً هائلاً، بمجرد فكرة جديدة يتم طرحها وتسويقها من مصدر أصبح رمزاً للتميز، بغض النظر عن تكلفة الإنتاج أو جمال المنتج.

آراء الكتاب

  • الدول العربية والديمقراطية والفساد - محمد آل الشيخ

    محمد آل الشيخ أصدرت (منظمة الشفافية العالمية) تقريرها عن معدلات الفساد في كل دول العالم للعام الماضي 2015. الأوربيون كانوا في المقدمة، وفي مقدمتهم (النرويج) وليس في ذلك مفاجأة طبعا، بل سيكون مفاجئا لي لوحصل العكس؛ فأنا أرى أمم الغرب، وبالذات الأوربيون أنزه الأمم وأكثرها شفافية وأمانة وعدالة اجتماعية...

  • حراسة الرمز - سعد الدوسري

    سعد الدوسري الحرص على سلامة المسجد، ليست مقتصرةً على النظافة، بل على كل الجوانب التي من شأنها تعكير صفو الرسالة الأساسية لبيت الله. الكثيرون منا لا يسهمون مطلقاً في خدمة المسجد، وفي نفس الوقت، يريدونه مكاناً مثالياً يحقق رغباتهم وتطلعاتهم. بعضنا يستغله لنشر فكره، حتى وإن كان مخالفاً لأمن واستقرار وطنه، دون أن يجد من...

  • الجانب الأرقى في الحضور العام - د.ثريا العريض

    د.ثريا العريض أكتب من دبي حيث أشارك في الملتقى السنوي «قلب شاعري» مع شعراء من العالم شرقا وغربا. وأتابع عن بعد أحداث مهرجان الجنادرية المميز الذي عايشت تأسيسه منذ ثلاثة عقود.. كما أتابع عن قرب جهود الهيئة العليا للسياحة والتراث عندنا في محاولة بناء صناعة سياحية وبيئة جاذبة و ثقافة عامة تستوعب أهمية التاريخ...

  • بطالة حملة ماجستير ودكتوراه! - يوسف المحيميد

    يوسف المحيميد في يونيو من العام الماضي كتبت عن التقرير الرسمي لوزارة الخدمة المدنية، بأن أكثر من سبعمائة ألف مواطن يرغبون في العمل الحكومي، ومن بينهم 149 من حملة الدكتوراه، وأتذكر أنني تلقيت اتصالا من نائب وزير سابق، حاول أن يفند المعلومة وعدم صحتها رغم أنها صادرة في تقرير رسمي، ومن وزارة مختصة بالتوظيف! كم أشعر...

  • دبي.. قمة الحكومات العالمية..! - ناصر الصِرامي

    ناصر الصِرامي غداً تختتم القمة الحكومية في نسختها العالمية بدبي، والتي أصبحت التجمع الأكبر عالمياً والمتخصص في استشراف حكومات المستقبل بمشاركة أكثر من 125 دولة حول العالم و3000 مشارك و125 متحدثاً وأكثر من 70 جلسة، طبقاً لمنظميها. القمة حدث حقيقي ومؤثر، ارتقت بعد 4 سنوات على خريطة المحافل العالمية، بزخم إعلامي وحكومي...

  • التنوير رافد السياسة - أيمـن الـحـمـاد

    لأن دور المفكرين هو التنوير، ولأن العالم العربي اليوم يعيش لحظة تنشط فيها قوى الظلام وأفكار الشر التي اتشحت بالدم، وتوشحت بأداة القتل والتدمير، كان ولا بد من وقفة مع تلك النخب المؤثرة التي يُناط بها إجلاء العتمة والبحث عن بصيص أو قبس من نور يبددها قبل أن ترخي بسوادها على عالمنا الإسلامي الذي يعرف...